هل تنبأت وزارة الدفاع الأمريكية منذ 2017 بظهور فيروس كورونا؟
- أحمد ليثي
- Apr 16, 2020
- 4 min read


نُشر في مركز الإنذار المبكر
ترجمة: أحمد ليثي
على الرغم من تأكيدات الرئيس ترامب المتكررة بأن الوباء الناتج عن فيروس كورونا كان “غير متوقع” و “خرج من العدم”، إلا أن ما حدث كان عكس ذلك، إذ أن البنتاجون لم يكن مدركًا تمام الإدراك للتهديد الذي أبرزته وثيقة من المخابرات المركزية تفيد بوجود نوع جديد من الإنفلونزا ولكنه أيضًا فشل حتى في توقع ندرة أجهزة التنفس وأقنعة الوجه وأسرّة المستشفيات، وذلك وفقًا لخطة البنتاجون لعام 2017 التي حصلت عليها ذا نيشن.
وتنص الخطة العسكرية الموضوعة عام 2017 على أن “التهديد الأكثر رجاحة وأهمية هو انتشار مرض جديد يصيب الجهاز التنفسي، وبالتحديد مرض إنفلونزا جديد”. كوفيد – 19 هو مرض ناتج عن فيروس كورونا الجديد (ونعني هنا جديد بالنسبة للإنسان). وتشير الوثيقة على وجه التحديد إلى أنواع من فيروسات كورونا في عدة مناسبات، حيث تقول الوثيقة في إحدى النقاط: “إن عدوى فيروس كورونا شائعة حول العالم”.
إن التهديد الأكثر رجاحة وأهمية هو انتشار مرض تنفسي جديد، وبالتحديد مرض إنفلونزا جديد. سيكون للمرض ذي الأهمية العلمية (طبيعي أو عرضي أو متعمد) معدلات انتقال سريعة تؤدي إلى مرض مدمر في صفوف القوات العسكرية عند مستويات كبيرة بما يكفي لتحطيم الاستعداد القتالي والفعالية عبر القيادات القتالية في المناطق المتعددة. كما يمكن أن يتطور تفشي المرض في مجتمع واحد بسرعة إلى أزمة صحية متعددة الجنسيات تتسبب في معاناة الملايين، فضلاً عن إثارة اضطراب كبير في كل جانب من جوانب المجتمع. وقد تتضمن خصائص المرض القابلية العالية للانتقال أو خطورة الإصابات، واحتمالية كبيرة للتأثير على الرعاية بسبب محدودية أو عدم وجود الحماية الطبيعية أو إدارة الاستشارات الطبية.
جزء مما ورد في وثيقة وزارة الدفاع الأمريكية عام 2017
تنص التوجيهات الموجودة بالوثيقة على ضرورة إنشاء خطة سابقة للاستجابة لوباء الإنفلونزا في وزارة الدفاع، مشيرة إلى أنها “تتضمن العديد من الرؤى التي استقتها الخطة من الجوائح التي حدثت مؤخرًا بما في ذلك فيروس كورونا لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية عام 2012″.
شدد دينيس كوفمان الذي شغل منصب رئيس قسم الأمراض المعدية والتدابير المضادة في وكالة المخابرات الدفاعية في الفترة من 2014 إلى 2017، على أن المخابرات الأمريكية كانت على دراية جيدة بمخاطر فيروسات كورونا لسنوات.
وفي مقابلة مع دينيس كوفمان، يقول: “لقد حذر مجتمع الاستخبارات من خطر فيروسات الإنفلونزا المسببة للأمراض القاتلة لمدة عقدين على الأقل. لقد حذروا من فيروسات كورونا كثيرًا خلال الخمس سنوات الأخيرة على الأقل”.
وتابع كوفمان: “كانت هناك تصريحات حديثة بأن جائحة كورونا تمثل فشلًا استخباراتيًا، لكن هذه التصريحات تترك من تجاهلوا تحذيرات المخابرات بعيداً عن الأنظار”.
من جهة أخرى، وبالإضافة إلى توقع جائحة فيروس كورونا، تنبأت الخطة العسكرية بدقة غير عادية بالنقص الذي حدث في العديد الإمدادات الطبية التي ستؤدي الآن على ما يبدو إلى وفيات لا حصر لها.
تنص الخطة على “أنه سيكون هناك منافسة وندرة في الموارد، وستمشل هذه الموارد التدابير المضادة من غير المواد الصيدلانية على سبيل المثال، أجهزة التنفس الصناعي والأجهزة ومعدات الحماية الشخصية مثل أقنعة الوجه والقفازات والمعدات الطبية والدعم اللوجستي. وسيكون لذلك تأثير كبير على توافر القوى العاملة العالمية”.
إن مرضًا مهمًا من الناحية العلمية سيكون له آثار خطيرة على الأمن القومي قد يشمل عواقب اقتصادية وسياسية واجتماعية وخيمة محليًا ودوليًا. ستكون هناك مصالح متنافسة على الموارد على مستوى العالم. المنافسة على وندرة الموارد ستشمل التدابير المضادة (مثل اللقاحات، ومضادات الميكروبات، ومستحضرات الأجسام المضادة) ، والتدابير المضادة غير الصيدلانية (مثل أجهزة التنفس، والأجهزة، ومعدات الحماية الشخصية مثل أقنعة الوجه والقفازات)، والمعدات الطبية، والدعم اللوجستي. الجدير بالذكر أن هذا سينتج عنه تأثير كبير على توافر القوى العاملة العالمية.
تقدم الوثيقة ذات الـ 103 صفحة نظرة عام على ما قد يسبب هذه الجائحة، والمضاعفات المحتملة، واحتمالية استجابة الجيش الأمريكي. وتحدد الخطة الأوضاع التي يمكن أن يتحول فيها المرض المعدي إلى جائحة، وقد كان لبعض هذه الأوضاع دور في انتشار فيروس كورونا : مثل أماكن العمل المزدحمة، والقرب من المطارات الدولية، والظروف المعيشية غير الصحية. كما تحتوي الوثيقة على إشارات إلى مرفقات سرية تدخل في مزيد من التفاصيل .
في الأسبوع الماضي، هاجم ترامب شركتي جنرال موتورز وفورد على تويتر، مطالبًا كلاهما بصناعة أجهزة تنفس صناعي، وهو جهاز حياة أو موت بلنسبة لكثير من الأشخاص الذين يعانون من أعراض الفيروس الحادة.
كان تحذير الوثيقة بشأن أقنعة الوجه وأجهزة التنفس الصناعي واضحًا، حيث ورد فيها ” فقد نفد المخزون الوطني الاستراتيجي الأمريكي من المعدات الطبية تقريبًا – بما في ذلك أجهزة التنفس الصناعي، والقفازات، وأقنعة الوجه، وأردية المريض”
وكما توقعت الخطة العسكرية “أسرة المستشفيات غير كافية”. والواقع أن المستشفيات تعاني نقصًا حادًا في إيطاليا وتمتلأ بسرعة في كافة أنحاء نيويورك.
التخفيف من الإصابة بالمرض والوفيات سيحدد كيف ستخرج الدولة من ما بعد الجائحة. إذ حتى البلدان الصناعية لن يكون لديها أسرّة مستشفيات كافية، ومعدات متخصصة مثل أجهزة التنفس الصناعي الميكانيكية. والمستحضرات الصيدلانية المتاحة بسهولة لمعالجة سكانها بشكل كاف خلال الجائحة الشديدة على المستوى الطبي. إلى أي مدى يمكن للبلدان أن تخفف من مستوى الإصابة والوفيات وإرسال الرسائل المؤثرة أثناء الوباء وإعادة دمج الأشخاص الذين أُصيبوا في المجتمع مرة أخرى مع وجود آثار ضخمة فيما يتعلق بحجم الآثار الثانوية والاقتصادية والأمنية والسياسية والآثار الاجتماعية.
جزء مما ورد في وثيقة وزارة الدفاع الأمريكية عام 2017
ثمة تنبؤ آخر في الوثيقة، حيث توقع شدة المنافسة العالمية وندرة اللقاحات المضادة للفيروس. وبحسب ما ورد في الوثيقة، عرض ترامب بالفعل على العلماء الألمان مبالغ كبيرة من المال للحصول على حقوق حصرية للقاح، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لتطوير لقاح في العديد من البلدان.
وأخيرًا، لم يرد البنتاجون على الفور على طلب للتعليق من جانبنا.