top of page
Search

فراغ أمني.. كيف ستستفيد التنظيمات الإرهابية في أفريقيا من أزمة كورونا؟

  • أحمد ليثي
  • Apr 14, 2020
  • 3 min read


ترجمة: أحمد ليثي


مع بدء تفشي فيروس كورونا بشكل جدي في أفريقيا، يمكننا توقع أن التنظيمات الإرهابية في القارة ستحاول الاستفادة من الأزمة عن طريق إطلاق العنان للعنف وتجنيد أعضاء جدد. ونحن نشهد بالفعل مؤشرات على بدء حدوث ما ذكرناه. ونتيجة لذلك يجب توعية الحكومات والعاملين في وكالات المساعدة بهذا التهديد وتنبيههم إلى ضرورة اتخاذ الاحترازات والإجراءات اللازمة لحرمان هذه التنظيمات من هذه الفرصة.


خلال الأسبوعين الماضيين، شهدت إفريقيا ارتفاعًا كبيرًا في عدد حالات الإصابة المؤكدة كورونا، حيث ارتفعت الحالات المسجلة من 1017 في 20 مارس إلى أكثر من 7177 في 3 أبريل، مع 293 حالة وفاة على الأقل، مع وصول الفيروس إلى خمسين دولة أفريقية. لكن إذا واصل الفيروس انتشاره في جميع أنحاء أفريقيا وبلغت نسبة الإصابات ما بلغته مستويات الصين أو أوروبا أو الولايات المتحدة، ستغرق إفريقيا في الذعر والفوضى والارتباك. ونتيجة لهذا، قد يتم تحويل الموارد المحدودة بالفعل المخصصة حاليًا لقوات أمن الدول التي تقاتل المتطرفين إلى توفير الرعاية الصحية والإمدادات الإنسانية للتجمعات المحتاجة والتعامل مع تفشي المرض. إلا أنه بناءً على الخبرة السابقة، إذا وقع ذلك، يمكننا أن نتوقع من التنظيمات الإرهابية استغلال الوضع في قصصها وعملياتها.


من المؤكد أن التنظيمات الإرهابية في كل مكان انتهازية، وبارعة في استغلال الارتباك والفوضى لتعزيز أهدافها الأيديولوجية. لا يختلف الأمر في إفريقيا. على سبيل المثال، ظهرت حركة الشباب في شرق إفريقيا وسط فراغ السلطة والاضطراب الناجم عن سنوات من الحرب الأهلية في الصومال. وبالمثل، اختطفت جماعة أنصار الدين، وهي مجموعة تسبب الدمار في منطقة الساحل تحت راية جماعة نصر الإسلام والمسلمين ، في ارتباك عام 2012 لتأسيس نسختها من الولاية الإسلامية في شمال مالي.


من الناحية الإيديولوجية، هناك طريقتان تسلكهما الجماعات الإسلامية العنيفة لاستغلال الوضع. إذا انتشر الوباء في المناطق ذات الأغلبية المسلمة، فسوف يبالغون في نشر نظريات المؤامرة حول أصول الفيروس، ويلومون الغرب واليهود والصهاينة، حيث يجمعونهم معًا باعتبارهم “أعداء الإسلام”. أما إذا سُيطرعلى انتشار الوباء ولم يصل إلى المناطق ذات الغالبية المسلمة، وخاصة تلك التي تسيطر عليها الجماعات الجهادية، سيأوّلون الأمر كعقاب إلهي ضد تلك المناطق. في كلتا الحالتين، ستستخدم الجماعات التي تدعي القتال من أجل الإسلام في أفريقيا تفشي الفيروس لتجنيد المقاتلين وتحويلهم إلى متطرفين وتبرير رواياتهم عن الكراهية والانقسام والعداء. بيد أننا قد رأينا بالفعل أمثلة على ذلك من داعش والجماعات التابعة لها في أجزاء أخرى من العالم تمثلت في الرسائل التي أرسلوها بشأن فيروس كورونا.


من الناحية العملية، ستحاول الجماعات التي تتنهج العنف أن تستفيد من الوضع لإحداث مزيد من الدمار. ذلك أن العديد من الدول الأفريقية معرضة بالفعل للعنف الجهادي وتكافح من أجل حشد القدرات العسكرية لمواجهة الجهود المتطرفة. على سبيل المثال، في 24 مارس، استولى متطرفون إسلاميون يشتبه في أنهم جزء من الدولة الإسلامية التي ترتكز في وسط إفريقيا على ميناء استراتيجي في موزمبيق ورفعوا علمهم على الميناء في ما قد يبشر بإنشاء موقع استيطاني جديد لما يسمى بالخلافة. وفي اليوم نفسه، قتل فصيل بوكو حرام بقيادة أبو بكر شكوي 92 جنديًا تشاديًا في كمين حول منطقة بحيرة تشاد، ولقي ما لا يقل عن 47 جنديًا نيجيريًا مصرعهم في شمال شرق نيجيريا في كمين نصبته الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا (ISWA). وبالمثل، قتل الجهاديون المرتبطون بالقاعدة تسعة وعشرين جنديًا في مالي في 19 مارس الماضي. ومع انتشار فيروس كوفيد – 19 تعيد الحكومات توجيه قدراتها العسكرية لدعم الصحة العامة، لكن تبقى هذه الدول أكثر عرضة للهجمات.


إلى هنا تبدو الأمور أكثر تعقيدًا، إذ سيؤخر هذا الوباء نشر 250 جنديًا بريطانيًا إضافيًا من المقرر انضمامهم إلى الجهود ضد المتطرفين في منطقة الساحل إلى وقت لاحق من هذا العام. إذ أُبلغت الدول الإفريقية المعنية أن قوات الجيشين البريطاني والأمريكي في أفريقيا بحاجة بالفعل إلى التراجع بسبب الأزمة الصحية التي أصابت البلدين. ذلك أن انتشار فيروس كورونا قد دفع الجهود المبذولة لمكافحة التطرف إلى أسفل قائمة أولويات الدول الغربية، على الأقل في الوقت الحالي. لا شك أن ذلك سيؤثر بالتأكيد على الحرب ضد الفصائل المتطرفة ويتيح لها مساحة أكبر للعمل.


من الناحية الاستراتيجية، يمكن للجماعات الجهادية أن تزيد من جهودها لاستغلال الفراغات الإنسانية التي يرجح أن تكون قد نشأت عن تفشي المرض. وقد وجدت بعض الدراسات الموثوقة أن الجماعات الجهادية في أفريقيا تسعى لتقديم الخدمات التي تقدمها الحكومات مثل الصحة والبنية التحتية لتجنيد الأعضاء وبناء المصداقية مع المتعاطفين حتى في الأوقات العادية. في المناخ الحالي، قد تزيد هذه الجماعات من تقديم الخدمات، وتتدخل حيث تفشل الدولة في توفير الخدمات الطبية، والمياه، والغذاء، لبناء دعم شعبي لقضيتها ولإنشاء دول في طور التكوين.

© 2023 by EDX. Proudly created with Wix.com

bottom of page