كوينتين تارانتينو: أفضل الاعتزال في الستين.
- كوينتين تارانتينو
- Jul 23, 2017
- 5 min read

مخرج وكاتب سيناريو أمريكي. تتميز أفلامه بتناول الموضوعات الساخرة، وتجسيد العنف المفرط، والاستفادة من توزيع أدوار متكافئة، مؤلفة من ممثلين مشاهير وآخرين أقل شهرة، والإشارة إلى الثقافة الشعبية، والموسيقى التصويرية المحتوية أساسًا على أغانٍ ومقاطع مسجلة من عقد الستينات وحتى عقد الثمانينات، ومن الملاحظ استخدام تارانتينو لموسيقى انيو موريكوني بكثرة في أفلامه، وبحسب الناقد اللبناني هوفيك حبشيان، وافق موريكوني أخيرًا – بعد عدة طلبات أجابها كلها بالرفض – أن يعمل مع تارانتينو، ويمنحه شريط صوت لستون دقيقة لأحدث أفلامه التي يعمل عليها حاليًا، وبقدر ما كان تارانتينو مثيرًا في أفلامه، كان مثيرًا في هذا الحوار أيضًا.
نشأ تارانتينو كمعجب كبير بالأفلام وعَمل في متجر Video Archives لتأجير أفلام، بينما كان يتدرب على التمثيل. بدأ تارانتينو مسيرته المهنية في اواخر الثمانينات، عندما قام بكتابة وإخراج My Best Friend’s Birthday، وهو السيناريو الذي شَكل أساس فيلم True Romance. في بداية التسعينات بدأ تارانتينو مسيرته المهنية كصانع أفلام مستقل مع إصدار فيلم كلاب المستودع (1992)، والذي يعتبر الآن كلاسيكية وذو شعبية واسعة، حيث وصفته مجلة Empire بـ “أعظم فيلم مستقل على الإطلاق”. إزدادت شعبيته بفضل فيلمه الثاني خيال رخيص (1994)، فيلم نوار جديد وجريمة، والذي أصبح نجاحً ساحق على الصعيدين النقدي والتجاري، حيث إعتبرته مجلةEntertainment Weekly أعظم فيلم في آخر 25 سنة (1983–2008). في عام 1997، أصدر تارانتينو فيلم جاكي براون المقتبس عن رواية شراب الرم (Rum Punch)، في تكريمٍ له لأفلام استغلال السود التي كانت منتشرة في السبعينات.
ترجمة: أحمد ليثي.
تارانتينو، بناء على أفلامك، لابد لي أن أسأل، هل أنت مهووس بأقدام النساء؟
أنا لا أخجل من ذلك، إن كنت تتهمني بأني من المخرجين المهووسين بأقدام النساء، كان يمكن لألفريد هيتشكوك أو لويس بونويل أو صامويل فولر، ورفاق آخرين أن يكونوا كذلك. وأعتقد أنهم مخرجون مميزون جدًا لأنهم يعلمون أين يمكنهم أن يضعوا كاميراتهم تحديدًا. لكني أعتقد أن الأقدام والأرداف يمكنها أن تكون على قدم المساواة من ذلك، وإلى حد كبير في أفلامي.
وكذلك العنف؟
أنا أروي قصصي وأفعل شيئًا يخصني. أنا احب التعامل مع كل الأنواع السينمائية، وداخل هذه الأنواع توجد أنواع فرعية أخرى. لكن كل الأنواع التي أتعامل معها مثيرة للعواطف، ذلك أننا عندما نأتي لأفلام العنف، سنجد أن هناك أفلام الجريمة، وأفلام الكونج فو، وأفلام الساموراي، وأفلام المذابح، وأفلام مطاردة السيارات، لذا، من الطبيعي أن نجد في هذه الأفلام الكثير من العنف، هذا هو النوع من السينما الذي يسبب توقف القلب، أنا أحب ذلك، لكن في حالة أفلام مثل جاكي براون، يتعلق الأمر كله بالشخصيات.
ما هى وصفتك لكتابة شخصيات مفعمة بالحيوية؟
هذه الإجابة ليست هزلية، لكني كاتب، هذا ما أفعله، ووظيفة أى كاتب ليس أن يكتب عن نفسه، لكن أن ينظر إلى الجزء الآخر من الإنسانية ويحاول اكتشافه، أن يكتشف طريقة الآخرين في الكلام، الجمل التي يستخدمونها. أعتقد أن رأسي يجب أن تكون مثل الإسفنجة، أسمع لما يقوله كل شخص، وألاحظ السلوك الفطري للناس. يحدث أن يلقي أحدهم علىّ طرفة فأتذكرها، ويحدث أيضًا أن يروي لي الناس قصة مهمة عن حياتهم ولا أنساها.
وإن لم تتذكرها؟
حينها لا يكون شيئًا يستحق التذكر. الأمر هو أنه في خلال ستة أشهر أو خمس عشرة سنة، أى عندما أبدأ في كتابة الشخصيات، يصير قلمي مثل جهاز استشعار عن بعد، فهو يمتص تلك المعلومات، وفجأة تخرج هذه الشخصيات بشكل متكامل أو غير متكامل. أنا لا أكتب حواراتهم، أنا أتركهم يتحاورون مع أنفسهم.
بالرجوع إلى فكرة العنف، شخصيًا، ما الذي تخاف منه؟
الخوف الأول الذي أعاني منه، وبدون بذل الكثير من الجهد، ويمكن أن يكون هو خوفي الأزلي، وواحد من الأشياء غير المنطقية، هو أني أخاف من الفئران.
حقًا؟
أعتقد أنه الشىء الوحيد الذي يمكن أن أسميه منهك، إذا كان هناك فأر على الطاولة، وكنت أنا غارقًا في حضن فتاة، من الممكن أن أقفز فجأة على كتفيها وأصرخ مثل الساقطات.
هل حلمت بكوابيس مزعجة من قبل؟
لم أحلم بكوابيس مزعجة منذ مدة طويلة جدًا، تعلم، عندما تكون صغيرًا، وتحلم بكوابيس مزعجة يمكنك حينها ان تركض لتقفز إلى فراش آبائك، لكن أمي كانت حاسمة معي، عندما بلغت سن محددة، أرسلتني مرة أخرى إلى فراشي، حينها أدركت أنه لم يكن لدي رفاهية أن أحلم بالكوابيس، لأنه لم يكن مسموحًا لي أن أركض إلى فراش أمي، لذا توقفت عن الأحلام المزعجة بعد فترة قصيرة.
هل تود ان يكون لك أطفال من صلبك، أم انك توجه كل طاقتك لصناعة الأفلام؟
لنرى ما سيحدث، لكني لا أنوي صناعة الأفلام للأبد، أتمني أن أتوقف عندما أبلغ الستين.
أمتأكد من ذلك؟
لا، لكنها جزء من خطتي، لا أحب أن أكون صانع أفلام عجوز، يصنع أفلام للعجائز، ولا يعرف متى يترك الحفلة، ولا أود بالطبع أن ألوث مسيرتي بباقة من أفكار العجائز، من المحتمل أن أغير فكرتي، إذا كنت أريد صنع فيلمًا في الثانية والستون من عمري سأفعل، لكني أفضل الحفاظ على حلقة النصر كاملة، أريد ذلك الشاب، الذي يجلس أمامك هذه اللحظة، أريده أن يكون الشاب الذي يصنع الأفلام، لا رجل في خريف العمر. عندما أصل لخريف العمر، لا أود حينها إلا أن أكون كاتبًا يكتب الرسائل فقط، اكتب كتب في السينما، الروايات، وأحظى بالاطفال.
كم تقدر عدد الأفلام التي رأيتها في حياتك؟
ليس لدي دليلًا على ذلك، ولا أملك مجازفة التخمين، لكني اعتدت أن أعد قائمة من 17 – 22 فيلمًا أشاهدها سنويًا في دور العرض، وإذا كان الفيلم حديث الإصدار فإني أضع طوقًا على رقم الفيلم، وأبدأ باختيار أفلامي المفضلة وأمنحها جوائزي القليلة، وكان دائمًا ما يكون المبلغ نفسه كل مرة، كان نحو 197 – 202. ذلك عندما كنت مفلسًا تمامًا، كنت ادفع لتلك الأفلام بنفسي، وبالرجوع إلى إدماني الشره للسينما يمكنني أن أقول أن متوسط عدد الأفلام 200 فيلمًا.
أعتقد أنه من اللازم أن نقول أن العدد كبير جدًا، لكن ما هى أكثر ثلاثة أفلام مفضلة لديك؟
أنت تسألني اليوم، وفي موقف محدد، لذا، سأقول لك ثلاثة افلام فقط، لكن لو سألتني غدًا، أو بعد ستة ساعات من الآن سيكون الجواب مختلفًا.
إذن، أنا اسأل عن اللحظة الحالية؟
لأقل – أولًا – أنه “أبوت وكاستيلو يقابلا فرانكستاين – Abbott and Costello Meet Frankenstein”، لأني عندما رأيته كنت طفلًا، كان فيلمي المفضل حينئذ، ولعل جزء من السبب كان دمج الأنواع السينمائية معًا في فيلم واحد، هناك جزء مرح عندما كان آبوت وكاستيلو مع بعضهما، لكن عندما ظهر الوحش فرانكستانين، كان الفيلم مخيفًا. لا أعلم إن كنت أعي لتنوع الأنواع السينمائية وقتها، أم أني كنت أقوم بتصنيفها، كنت حينها بلغت الخامسة، لكن ذلك ما كنت أفعله طوال مسيرتي، أن ادمج الأنواع السينمائة مع بعضها. ولأقل أيضًا أن فيلم “سائق التاكسي – Taxi Driver”، من ضمن الأفلام التي أحبها، ومن الصعب أن أتحدث عنه سريعًا، من الصعب أن تتحدث عن سائق التاكسي في جملتين أو ثلاث، لكني سأقول أنه من المحتمل كان اكثر روائية، وشخصياته أكثر تعقيدًا، ربما كان الأكثر تعقيدًا في تاريخ السينما، فقط الروايات يمكنك أن تجد فيها هذا، لكنه في الوقت نفسه، فيلم مسلي جدًا، ذلك أنه هناك الكثير من الضحك خلال الفيلم. وأخيرًا، فيلم الطيب والشرس والقبيح.
هل هناك أى نوع سينمائي لا تحبه؟
أنا لا أحب كل الأنواع، أحب الأفلام التاريخية، مثلًا، لكني لا أحب الدراما المعدلة، ونوع آخر لا أكن له الكثير من الاحترام، أفلام السيرة الذاتية، وأعتقد ان الممثلين يعملون به لخلق أعذار فقط للحصول على جوائز الأوسكار، هذه سينما فاسدة.
لماذا؟
لأنه حتى الشخص الاكثر إثارة للإعجاب في العالم، إذا رويت حياته من البداية للنهاية في فيلم طويل، سيكون فيلمًا مملًا بكل تأكيد. إذا كنت تريد فعل ذلك بإمكانك أن تقدمه في كتاب رسومات، لو أردت صنع فيلمًا عن ألفيس بريسلي مثلًا، لا يجب ان تصنع فيلمًا عن حياته بكاملها، اصنع فيلمًا عن يومًا واحدًا، عن يوم كان يتوجه فيه ألفيس بريسلي لشركة صن للتسجيلات مثلًا، أو عن اليوم السابق لليوم الذي يتوجه فيه بريسلي لشركة صن للتسجيلات، وينتهي الفيلم عندما يمر عبر باب الشركة، هذا هو الفيلم.
إذا قرروا صنع فيلمًا عن حياتك، هل سيكون ذلك مملًا أيضًا؟
سأشعر بالإطراء، لكني لن أشاهده.
المصدر: The Talks