تسامح مع جانبك المظلم.. كلمة هاروكى موراكامى أثناء تسلمه جائزة هانز أندرسن
- هاروكي موراكامي
- Jul 23, 2017
- 3 min read

ألقى الروائى اليابانى “هاروكى موراكامي” كلمة أثناء تسلمه جائزة “هانز كريستيان أندرسن” في نوفمبر الجاري، والتي كانت أُعلنت العام 2015
تبلغ قيمة الجائزة الأكبر من نوعها فى الدنمارك خمسمائة ألف كرونا «71 ألف دولار أمريكى»، وتمنح لصاحب أكثر الأعمال تشابها مع كتابات آندرسن.، وكان قد فاز بالجائزة من قبل الروائى الأمريكى من اصل هندى “سلمان رشدي، والروائية “جي. كي. رولينج”، وجاء فى تقرير اللجنة عن فوز موراكامي: “نثر موراكامى الخيالى يجسد نظرة عالمية وحيوية فى السرد تحمل أوجه تشابه مع كتابات هانز كريستيان أندرسن». وأضافت اللجنة أن الاختيار وقع على الأديب البالغ من العمر 66 عامًا لقدرته على «المزج بجرأة بين فن السرد الكلاسيكى والثقافة الشعبية والتراث اليابانى والواقعية الحالمة والمحاورات الفلسفية».
ترجمة: أحمد ليثي
وفيما يلى نص الكلمة التى ألقاها موراكامي:
لايهم مدى ارتفاع الحائط الذى نبنيه كى نحظر دخول المزعجين، لايهم مدى صرامة استبعاد الدخلاء، لا تهم مدى محاولاتنا لكتابة التاريخ كيما يناسبنا، كل ذلك ينتهى إلى تدمير أنفسنا ونكء جراحنا.
كل الناس لديهم ظلال، كل مجتمع، وكل أمة، إذا كانت مشرقة، ولديها جوانب ساطعة، سيكون لديها أيضًا جانب مظلم، لحاجتها للموازنة، إذا كان هناك أية جوانب إيجابية، لا شك سيكون هناك جوانب سلبية على الجانب الآخر.
فى أوقات محددة، نميل لغض الطرف عن إدراك ظلالنا، عن تلك الاجزاء السلبية منا، أو نلجأ لمحاولة القضاء قسرًا على تلك الجوانب، لأن الناس تريد تجنب النظر لجوانبها المظلمة وصفاتها السلبية بقدر ما تستطيع. لكن إذا كان لابد لتمثال أن يظهر صلبًا بأبعاده الثلاث، يجب أن يكون لديه ظلال، جرب أن تتخلص من ظلالك، وكل ما ستنتهى إليه هو وهم، لأن الضوء الذى لا يلقى بظلاله، لن يكون ضوءًا حقيقيًا.
عليك أن تتعلم بصبر كيف تعيش مع ظلك، وأن تلاحظ بحذر الظلام الذى يقيم بداخلك، ربما عليك أن تواجه جانبك المظلم فى نفق معتم، وإذا لم تفعل قبل فوات الأوان، فإن ظلك سينمو ويكتسب قوة أكثر من أى وقت مضى، وسيعود إليك فى ليلة ما، ليطرق باب منزلك قائلًا: “لقد عدت، سأهمس لك”.
عندما أكتب، أترك المشهد أو الفكرة تتقدم بحذر لتأخذ شكلها إلى أن تنسجم، وذلك بدلًا من أن أعمل عقلي، وبشكل أدق، أفكر من خلال تحريك يدى أثناء عملية الكتابة، فى تلك الأوقات أقدّر كثيرًا ما بلا وعيي، على ما بوعيي.
كثيرًا ما يميل النقاد اليوم، والقراء كذلك إلى قراءة القصص قراءة تحليلية، فقد تمرسوا فى كلياتهم، أو فى مجتمعاتهم، على أن ذلك هو المنهج الصحيح للقراءة، الناس تحلل وتمارس النقد على النصوص من وجهة نظر أكاديمية أو سيوسيولوجية، أو تحليلنفسية.
إذا حاول الروائى أن يبنى حكايته اقتداءً بأى نوع من أنواع التحليل تلك، سيفقد الحيوية الكامنة فى قصته، ولن ينشأ أى شغف بين الكاتب والقارئ.
غالبًا ما نرى أن الأعمال التى يتعامل معها النقاد، لا يحبها الناس كثيرًا، لكن فى أغلب الحالات يرجع ذلك إلى أن القراء عندما يقرأون تحليل هذه الأعمال، يكون ذلك فشلًا ممتازًا للفوز بشغف الناس.
قال موراكامى فى العام 2009، عندما حصل على جائزة من منظمات مدنية تناصر حقوق الفلسطينيين: “إذا كان هناك حائط عالى جدًا وصلب، وعلى الجانب الآخر مجموعة من البيض يحاولون تحطيمه، لا يهمنى مدى صحة موقف الحائط أو خطأ موقف البيض، سأقف فى جانب البيض، لأن كل واحد منا هو ذلك البيضة، هناك روح فريدة فى تلك البيضة، كل واحد منا يحاول مواجهة الحائط الضخم، أو النظام الذى يجبرنا على فعل أشياء، لا نرى أنها مناسبة لنا.
ليس لدينا أمل فى مواجهة الحائط، إنه عال جدًا ومظلم وبارد، لكن لمواجهة ذلك الحائط علينا أن نضم أرواحنا معًا لنتدفأ، لنقوى، لا يجب علينا أن نجعل النظام يتحكم بنا، ويشكلنا، انه نحن من أبدعنا هذا النظام.