top of page
Search

كيف يبدو الفقر فى وسائل التواصل الاجتماعي؟

  • Writer: Ahmed Ellaithy
    Ahmed Ellaithy
  • Jul 25, 2015
  • 3 min read

نُشرت فى مدونة "قراءات"

رازفان نيكلوسكو

ترجمة: أحمد ليثى

ما يلي هو جزء من فكرة أكبر عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعى على السكان ذوى الدخل المنخفض. وهذه القضية هى الاكثر إثارة للجدل بين منظري ونشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، وواحدة من أهداف مشروع “الدراسات الدولية لتأثير وسائل التواصل الاجتماعي” البحثي. وسوف أعطى هنا بعض الإضاءات على هذه القضية من خلال المجال الايطالى.

أولاً، يجب أن نأخذ فى الاعتبار أن الدخل المنخفض لا يتعلق بالضروة بالفقر فى جرانو بإيطاليا. وسوف أقدم هنا شرحاً موجزاً عن هذا. يبدو أن معدلات بطالة السكان المحليين تقترب من تلك الموجودة فى الجزء الجنوبي من إيطاليا. ذلك أن البطالة تقترب من 22% بنسبة تصل الى 61% بين الشباب، لكن عدد قليل نسبياً من السكان يعتقدون أنهم فقراء، فالأمر يتعلق بمجموعة من الآليات التالية:

العلاقات الوثيقة لذوى القربى، والتي تهتم بإعادة توزيع فعال للسلع والممتلكات داخل الأسرة الواحدة، وإتاحة مصادر بديلة للدخل، كزراعة الكفاف، وإمكانية تقليل تكاليف المعيشة بشكل كبير بحيث لا يؤثر تأثيراً مباشراً على الحالة الاقتصادية.

ولن أعطى تفصيلاً لذلك هنا، ولكنى سأعطى مثالاً نموذجياً: دعنا نأخذ مثال عائلة فى متوسط العمر مكونة من أب وأم وطفلين، حيث لا يوجد سوى أب يعمل بدوام جزئي. وبالإضافة إلى ذلك، إما أن تمتلك العائلة بيتاً خاصاً بها أو أنها تعيش في نفس البيت مع الوالدين، فالجدة هنا تطهو للعائلة بأكملها، وعلى الاقل واحدُ من الوالدين أو أقاربهم يساهم بشراء الخضراوات من “الكمبانيا” (بيت صغير أو قطعة أرض زراعية خارج المدينة)، أو ينتجون حاجتهم السنوية من زيت الزيتون. تكاليف التعليم والرعاية الصحية يمكن إنقاصها، كما يمكن للعائلة أن ترسل أطفالها لدروس خاصة في اللغة الإنجليزية أو كرة القدم. عائلة كتلك لن تعتبر نفسها أبداً عائلة فقيرة وستشير دائماً الى العائلات الاخرى التى لديها مستوى معيشة أقل منها.

وسأشير هنا إلى الناس الموجودون ضمن هذه الفئة الأخيرة، والذين عادة ما يوافقون على أن لديهم صعوبات اقتصادية بارزة، وعند هذه المجموعة من الناس فإن واحدة على الاقل من الآليتين المذكورتين أعلاه غير موجودة أو لا تعمل لأسباب مختلفة.

ففيما يتعلق باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فالشىء الأول الذي ميزهم عن غيرهم بشكل صارخ هو تكاليف التكنولوجيا؛ فمعظم الناس لا تستطيع تحمل ثمن توصيل خدمة الإنترنت (والتى تصل فى أقل سعر لها إلى 20 يورو)، بالإضافة إلى كمبيوتر محمول مستخدم (والذى يتراوح سعره ما بين 60-80 يورو)، وليس لديهم أى مصلحة فى الحصول على هاتف ذكى. بدلاً من ذلك يلجأ بعض منهم إلى استخدام خدمات الانترنت التى تقدم فى المكتبة العامة أو المكتب المحلى للتوظيف.

ومن المدهش أن نعرف كيف يتغير هذا الوضع في حالة الأسر التي لديها أطفال خاصة عندما يبلغ الأطفال من العمر 12-13 عاماً. هذه هى الفترة التى يدرك فيها الآباء أنه يجب عليهم شراء هاتف ذكى للأطفال والسماح لهم بالتواجد على “فيسبوك” مع أغلبية أصدقائهم. وأكثر من ذلك، فأغلبية الآباء يحثون أولادهم على استخدام وسائل التواصل الاجتماعى كمجاراة إلزامية لأقرانهم، وغالباً ما يكون أحد الآباء – وعادة ما تكون الأم – هي من تبدأ فى استخدام “فيسبوك”.

وفى الحقيقة لم أستطع أن أرى اختلافاً كبيراً فى استخدام وسائل التواصل الاجتماعى بين المراهقين الذين ينحدرون من خلفيات اقتصادية مختلفة، لكن من الملفت للنظر بين الآباء الذين عادة ما يكون لديهم مجموعة محددة من الأقران، فيبدو أن تلك الطبقات الاجتماعية لديها حواجز شاقة لا تساعدها على التكيف مع بيئة الإنترنت، وبالنسبة إلى العائلات التى تعيش فى ظروف اقتصادية صعبة، فإن الكبار لا ينسحبوا من الحضور من البيئة الافتراضية كلية، ولكن بالطبع فإن هذه الظروف تؤدى الى تقييدهم بشكل أكثر من أقرانهم فى نفس المجموعة العمرية.

من المدهش أيضاً أن نعلم ان الشباب (الذين تقارب أعمارهم 20 عاماً) وينحدرون من خلفيات فقيرة يستمرون فى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة تهدف إلى إذابة الفوارق الاجتماعية بينهم وبين أقرانهم، وفى الوقت نفسه فإن ذلك يقدم لأخوتهم وعائلاتهم أسباباً أكثر إقناعاً للتستر على الفوارق الاجتماعية عندما يأتى دورهم فى استخدام وسائل التواصل. وفى هذا السياق، يظهر السؤال الأساسي: كيف يبدو الفقر في وسائل التواصل الاجتماعي؟ الإجابة القصيرة هي تصوير الفقر في معظم الحالات على أنه قضية طرف ثالث، حيث تتم الإشارة بشكل مبهم ومتواري إلى الذات: الفقر في أجزاء متفرقة من العالم، أو الفقر في إيطاليا، أو الفقر المدفوع من قبل السياسيين أو النظم الاقتصادية الأنانية، ومن الجيد أن نتساءل كيف أن هذه التعليقات و(البوستات) لا تصدر من الناس الذين يكونون أصلا تحت ضغط ظروف اقتصادية صعبة.

من المهم أيضاً أن نفكر في الغياب المدهش لأي إشارات إلى أو استعراض لفقر المرء في البيئة الافتراضية، وخاصة فيما بين الشباب والمراهقين، وذلك يكشف إلى أي مدى كيف أن كونهم فقراء هو شيء ينظر إليه على أنه سببا سيؤثر على طموحاتهم فى الصعود الاجتماعي.

© 2023 by EDX. Proudly created with Wix.com

bottom of page