العدد صفر.. رواية أمبرتو أيكو لكشف فضائح الصحافة
- Ahmed Ellaithy
- Jul 22, 2015
- 2 min read

بمناسبة صدور طبعتها العربية عن دار الكتاب الجديد
ترجمة: أحمد ليثى
الفاشلون، كما المتعلمون ذاتيًا، دائمًا ما يحوزون معرفة أوسع من الناجحون، لكن إذا كنت تريد النجاح، عليك معرفة شيئًا واحدًا، ألا تضيع وقتك فى معرفة كل شىء، إن الملذات التى تنتج عن سعة العلم دائمًا ما تكون متعينة للفاشلون.
هذه الجملة المريرة التى تقولها الشخصية الرئيسية فى رواية أومبرتو أيكو الجديدة تعود فى المقام الأول عليها، رجل فشل فى الحصول على درجة جامعية، للعمل على الترجمة من الألمانية، وهى لغة ينتج عنها مكسب وافر، لكن عمله اللاحق كان يضم الدروس الخصوصية، والكتابة للصحف، والتحرير، وقراءة المخطوطات، حتى أنه كان يعمل ككاتب أجير، وهذا العمل الأخير هو ما أعطاه الخبرة التى ستساعد كولونا (ولن نعرف أبداً أسمه الأول) فى أن يتربح جيداً نظير وظيفة غريبة، ستقلب حياته رأساً على عقب. تدور أحداث الرواية فى عام 1992 عندما يصل كولونا الذى يبلغ من العمر 50 عامًا إلى ميلانو، ليلتقى شخصًا يريد أن يستأجره ليكتب كتابًا معنون هكذا: (غدًا: أمس)، وسيصدر الكتاب بأسم هذا الشخص، كما أنه من المفترض أن يحوى الكتاب ذكرياته التى حصدها خلال عمله لمدة عام واحد لصالح جريدة يومية تُدعى غدًا، وهى الجريدة التى لن ينطلق العدد الاول منها أبداً.
يعد مالك المشروع المحكوم عليه بالفشل واحداً من الرجال الأغنياء، كان يملك فنادق وقنوات تلفزيونية، وصحف شعبية. وخلال عامًا كامل كان هذا المليونير يحاول أن يكون فريق من المحررين وينفق عليهم لإصدار مجموعة من الأعداد صفر للجريدة، وهى أعداد ليست حقيقية، أو تجريبية، وفيما عدا سيميى الذى تم تعيينه كرئيسًا لتحرير الجريدة، وكولونا الذى كان يعمل كمساعد له، يظل فريق محررى الجريدة غافلين عن حقيقة ان العدد رقم 1 لن يطلق أبداً.
كان طاقم محررى الجريدة يتكون من 6 محرريت، 5 رجال وامرأة واحدة، تم تعيينهم كمحررى أخبار وكذلك للتنبؤ بالاضطرابات السياسية والاجتماعية، كما يمكنهم الادعاء عن كشف الحقائق المروعة التى من شأنها أن تدمر سمعة الأغنياء وذوى النفوذ. فطبقًا لسيميى كان هدف المالك الرئيسى هو الوصول إلى دائرة رجال الصناعة والسياسيين ورجال البنوك، الذين يسيطرون على الاقتصاد الايطالى، وعلى ذلك، سيحاول مالك الجريدة أن يتاكد من ان الأعداد التى صدرت من الجريدة قد صممت خصيصًا لتكشف الوجه الحقيقى لبعض رجال هذه الدائرة ، الأمر الذى يؤدى إلى أن يسمح رجال تلك الدائرة له بالدخول ضمن دائرتهم فى مقابل أن يتخلى هو عن المخاطر التى ستسببها الجريدة.
بلا كثير من تردد، قبل كولونا العرض الذى تقدم به سيميى للعمل فى الجريدة، الامر الذى يصل بنا إلى صالة التحرير، ومن هذه النقطة، سنتتبع ثلاثة قصص رئيسية فى رواية أيكو، العمل اليومى لمحررى الجريدة، وهو ما يسمح لأيكو بعرض مساوىء الصحافة المعاصرة، وقصة الحب التى تنشأ بين كولونا ومايا، المحررة الوحيدة فى الجريدة، ونظرية المؤامرة التى تتطور من قبل أحد زملاء كولونا.
كانت مهمة مايا هى إعداد باب الأبراج فى الجريدة، لكنها ستصبح فى اضطراب متزايد بسبب سياسة رئيس تحرير الجريدة، فكل مهاراتها الصحفية لا يتم الاستفادة منها، لكنها وجدت العزاء فى حبها لكولونا، الذى كان يقنعها أن تبقى ضمن طاقم العمل برغم ضبابية الرؤية لدى رئيس التحرير، والمحررين منعدمى الضمير فى الجريدة. على أن قصة الحب بين مايا وكولونا كانت مهمة، الا أنها لم تكن العنصر الأهم فى الرواية، وعلى عكس ما كان فى رواياته السابقة، أيكو كان ناجحا فى وصف المشاعر الرومانسية، لكنه لم يكن ناجحاً فقط فى وصف المشاعر الرومانسية، لكن عندما يأتى الأمر لزيارة المواقع التاريخية، يأخذنا أيكو فى لحظات من التجلى، راسماً علاقات غير متوقعة لفضح المؤامرة الخفية.