top of page
Search

الوردة الحمراء.. سيرة روزا لوكسمبورج

  • Writer: Ahmed Ellaithy
    Ahmed Ellaithy
  • Jul 19, 2015
  • 3 min read

ترجمة: أحمد ليثي

فى خاتمة كتاب "كيت ايفانز" الرائع، الذى يسرد تاريخ جديد للوردة الحمراء روزا لوكسمبورج، يقول لنا محرر الكتاب "بول بال"، ان ميراث لوكسمبورج لا يزال غنيًا بعد اغتيالها فى عام 1919. ففى حين كانت لوكسمبورج تشجع الثورة الروسية التى اندلعت عام 1917، لكنها فى الوقت نفسه كانت تعمل فيها مشرط النقد، خاصة بعد القرار البلشفى الذى أُتخذ بإبطال الإنتخابات الديمقراطية التى جرت أنذاك.

لكن من هى روزا لوكسمبورج، وما كانت أفكارها السياسية وطموحاتها؟، حاولت ايفانز الاجابة على ذلك السؤال من خلال السيرة بالرسم التى توفر مزايا لا تتوفر للسيرة التقليدية، ولا تتوفر أيضًا لأفلام السيرة الذاتية، فالسيرة بالرسم لديها القدرة على تلخيص أجزاء كبيرة من حياة الشخص بطريقة عملية، لا يوفرها السرد، وفى الوقت نفسه تبقى أكثر ودًا من الكتابات الأكاديمية. طوال كتابها تحاول ايفانز سرد التعليقات على حياة لوكسمبورج، وتأخذ اقتباسات مباشرة من كتبها، كما اخذت محاذيرها قبل أن تسرد الأنتقادات التى وجهت لروزا فى حياتها، لأنها كانت تعلم أن كثير من الانتقادات التى وجهت لها كانت تشوه الحقائق فى الحقيقة، لكننا نعلم أيضًا، أن كتابات الوردة الحمراء لم تكن هى الوحيدة التى يمكننا الاعتماد عليها لفهم مساهماتها فى الاقتصاد السياسى والسياسة الثورية، لكنها تظل فرصة لتصبح نقطة انطلاق أساسية فى استكشاف أفكار لوكسمبورج وإرثها بمزيد من التفصيل.

ولدت روزا لوكسمبورج قبل أسبوعين من تولى كومونة باريس الحكم فى فرنسا، فى مارس عام 1871، فى مدينة بولندية صغيرة تسمى زاموسك، التى كانت جزءًا من الامبراطورية الروسية. كان هذا عصر فوران أوروبا، فقد عرفت الحروب والتصنيع، كانت لوكسمبورج من عائلة يهودية كبيرة، وكانت أصغر عضو فى العائلة انتقلت إلى وارسو، وقيل انها كانت تعانى من تشوهات فى مفصل الفخذ الخلفى، حتى أنها كانت تمشى مشية غير مستقيمة، كما انها كانت هزيلة، ما جعل ايفانز تخمن بإصابتها بسوء التغذية فى مرحلة الطفولة.

لكن مع ذلك، كانت لوكسمبورج ذكية بشكل لا يصدق، ويبدو ان الآلام الجسدة التى صاحبتها فى حياتها لم تؤثر عليها. حصلت على منحة للدراسة فى أفضل المدارس الروسية، التى كانت مخصصة للروس فقط عندما كانت فى سن العاشرة، تحدثت البولندية والعبرية والروسية والالمانية، وبدأت بعد ذلك ترى بوضوح الفجوة التى أنشأتها الامبريالية، وقالت انها بدأت بالفعل الشروع فى النضال الاشتراكى بشكل جدى، قرأت كل شىء عن الاشتراكية بنهم، وصارت عضوًأ فى حزب البروليتاريا، وشاركت فى قيادة تنظيم إضراب عام فى ذلك الوقت ، اقتيد اربعة من قادته فى وقت لاحق إلى حبل المشنقة فى قلعة وارسو.

عندما أنهت منحتها الدراسية فى المدارس الروسية، لم يكن هناك أى مدرسة فى بلدها تمكنها من مواصلة دراستها، ذلك أنه لم يكن هناك مدارس لتعليم الفتيات، وهكذا، كان عليها أن تغادر بلدها، للالتحاق بجامعة زيوريخ من أجل مواصلة دراستها للاقتصاد السياسى، أبدت ايفانز إعجابها بلوكسمبورج، ذلك أنها فتاة خرجت من بلدها، ولم تكن متأكدة أنها يمكن أن ترجع لعائلتها مرة أخرى، فعلى حد قول لوكسمبورج: "لم يكن لدى أمل فى العودة للوطن مرة اخرى بسبب نشاطى السياسى، كما أنى كنت اعيش فى عالم يسيطر عليه الرجال، يتكلمون لغتهم العنيفة"، ورغم ذلك، لم تبد لوكسمبورج ضعفًا فى أى وقت من الأوقات، بل كانت على استعداد لتنفيذ أى عمل يطلب منها فورًا، ويبدو أن ذلك قد ترك أثره على عائلتها، ففى رسالة من أختها كتبت فيها: "يجب ألا ننسى أبدًا كلمات الأم، أنتِ وحدك من سيجعل عائلتنا شهيرة". وبعد انتهاء درستها فى الجامعة، انطلقت لما بعد ذلك، امرأة ضعيفة، تحمل شهادة الدكتور، ساقيها بها عجز خفيف، تكتب فى الصحف الراديكالية، وتثبت نفسها.

لم تكن روزا تجد صعوبة فى الناحية النظرية، لكنها وجدت الصعوبة كلها على أرض الواقع، فعلى سبيل المثال، عندما أُودعن السجن فى واحدة من ثلاث مرات بين عامى 1904 و1906 بتهمة إهانة القيصة، كانت ضمن زملاء سجن من البروليتاريا، وعندما عاشرتهم لمدة لم يحصلوا على اعجابها، رغم انها كرست حيتها من أجلهم، ومع ذلك، لم يقلل هذا من استعدادها للعمل من اجل تلك الطبقة، ومن الجائز أن تنتقد ذلك الوجه من وجوه ضعفها، لكنك لن تفهم سياستها حينئذ، فكونك محاميًا، لا يجب عليك أن تكون مقتعًا بعقائد وتصرفات موكلك حتى تترافع عنه، كذلك بالنسبة للوكسمبورج كناشطة، لا يجب عليها أن ترتضى تصرفات الطبقة التى كانت تحارب من أجلها.

فى أواخر القرن التاسع عشر، صارت برلين مركز جديد من مراكز التصنيع الأوروبية، ما جعلها واحدة من مراكز نضال الطبقة العاملة، لكن لم يبد ان روزا قد طاب لها المقام فى برلين، ففى صفحتين متقابلتين من الكتاب، ترسم ايفانز مشاعر روزا، إذ أبدت شكواها من المدينة، ورأت أن المدينة لا طعم لها، وغير ملائمة بالنسبة لها، لكن رغم ذلك، صارت جزء لا يتجزأ من الحزب الديمقراطى الألمانى، وصنعت أسم لنفسها سريعًا، وساهمت فى إرساء هوية محددة للحزب.

رفضت روزا اقتراح برينشتاين، فكما تروى ايفانز، حاول بيرنشتاين شن الدفاع عن الرأسمالية من خلال الزعم بأن الأئتمان، وآليات السوق المعقدة الأخرى من شأنهما التخفيف من نهب الرأسمالية، لكن تلك حجة اصلاحية وليست ثورية، ولذلك يسهل إدراك لماذا رفضت روزا مثل هذا الاقتراح، وقالت أن اقتراح برينشتاين اقتراح ساذج، وأنه ليس هناك وجود لرأسمالية أخلاقية.

© 2023 by EDX. Proudly created with Wix.com

bottom of page