top of page
Search

مترجم - شبح ناصر يحوم حول اليمن

  • Writer: Ahmed Ellaithy
    Ahmed Ellaithy
  • Nov 20, 2014
  • 3 min read

ترجمة: أحمد ليثي

لم تكن هى المرة الأولى التى يعمد فيها جيران اليمن إلى تحويلها إلى ساحة حرب، عندما بدأت السعودية وحلفائها بقصفها الأسبوع الماضى. ومن المؤكد أن الطرفان - أعنى بذلك إدارة أوباما والنظام الملكى السعودى - سيحسنا صنعًا عندما يستعيدا المرة الأخيرة التى جعلوا فيها من اليمن رهينة للصراعات الدينية.

كان الملك سعود يترقب بحذر القوات المصرية التى تتدفق إلى اليمن فى خريف العام 1962، عندما كانت مصر تخضع لثورة قامت قبل نحو من 10 سنوات، تحت قيادة الرئيس ذو الحضور الطاغى جمال عبد الناصر، الذى حول مصر من نظام ملكى حليف، إلى جمهورية ثورية.

كان ناصر يعمل على تصدير ثورة مصر إلى دول الشرق الأوسط، واضعًا الخوف فى قلوب النظم الملكية من بغداد إلى صنعاء، ففى عام 1956أصبحت المملكة الأردنية ضمن الدول الموالية لناصر، وفى 1958 إنهار النظام الملكى العراقى، وفى نفس العام، أعلن ناصر الوحدة بين مصر وسوريا، مؤسسًا بذلك إمبراطورية عربية كبرى، وبالطبع كانت السعودية تأمل أن توقف مشروع ناصر قبل أن يصل صداه إلى الرياض، فمولت محاولة فاشلة لإغتيال ناصر، وتآمرت لإنهاء الوحدة بين مصر وسوريا.

ولم تكن إلا مسألة وقت حتى يتراجع ناصر عن أحلامه قسرًا.

وبعد عام واحد بالضبط، قامت مجموعة من ضباط يمنيين مدعومة من الإستخبارات المصرية بتدبير إنقلاب على النظام الملكى فى صنعاء، وتأسيس جمهورية، فهرب الملك الإمام محمد البدر إلى الجبال متحصنًا بقوات زايدى الشيطى الداعمة له فى شمال اليمن، تلك القوات التى إنبثقت منها قوات الحوثيين فى أوائل التسعينيات، وأعلنت الحرب على الجمهورية اليمنية.

كان الإنقلاب الذى حدث فى اليمن فرصة لناصر ليؤسس سلسلة مد ثورى، تعيد ترتيب الخليج الفارسى، والذى من شأنه - كما تمنى – أن يسقط آل سعود. فزع السعوديون من مجرد فكرة وجود قوات مصرية معادية فى فنائها الخلفى، وقررت أن تعمل على إعادة الملك الإمام بإمداداتٍ وفيرة من العدة والعتاد، متسببة بذلك فى قيام حرب أهلية طويلة ومكلفة، لم تنته إلا بعد خروج القوات المصرية من اليمن على إثر حرب الأيام الست فى 67.

والآن يعيد التاريخ نفسه أمام ناظرينا، فآل سعود يرون سقوط الحكومة اليمنية وانتشار تمرد الحوثيين، ويصيبهم ذلك بنوع من أنواع الديجافو.

وبالطبع، تغيرت الأدوار خلال الخمسون عامًا الماضية، ففى السابق كان العدو الأول للسعودية هو ناصر ممثلُا فى مصر، الذى عمل على مد موجة الثورة العربية ونشر تأثيرها على أنقاض النظم الملكية عبر الشرق الأوسط، واليوم، أصبح العدو الأول للسعودية هى إيران الشيعية، التى إستطاعت أن تناور بمهارة من خلال الحطام الذى خلفته ثورات الربيع العربى لمد نفوذها الشيعى من بغداد إلى صنعاء، وتعد اليمن هى الساحة المركزية للصراع، منطقة فقيرة ومعدومة الموارد، ينبع دورها المؤثر –فيما يبدو - من موقعها الجغرافى المتاخم للحدود السعودية، فضلًا عن إنها تطل على نقطة حاسمة كمضيق باب المندب.

مرة أخرى، التدخل فى اليمن جعل السعوديون يقودون زمام المبادرة، تحت قيادة ملك جديد وابنه الطموح هذه المرة، محمد. لكن لا يبدو أن دعم إيران للحوثيين مشابه للتدخل البرى المصرى الذى حدث فى 1960، والوضع الإقليمى الآن بات مخيفًا. اولًا فى العراق وثانيًا فى سوريا، والآن فى اليمن، والسعودية تقف متفرجة بإهتمام بالغ حيال المكاسب الإيرانية الناتجة عن الفوضى.

وإن لم يكن الموقف سىء بما يكفى، فيجب أن ننظر فى هذا السياق إلى أمريكا، حليف السعودية الأقوى، والضامن الأول لقوتها، وهى تصنع خطوات دبلوماسية قوية مع إيران.

تسائل المحللين كيف أن إدارة أوباما قادرة على دعم إيران فى معركتها مع داعش فى العراق، ورغم ذلك تعارض سياساتها فى اليمن فى نفس الوقت. فى رأيى تعانى السياسات الأمريكية من نفس التناقضات على مدى الخمسون عامًا الماضية، ذلك أنه عندما قامت الحرب فى عام 1962 لم يكن أمامها خيار غير الدفاع عن السعودية، حليفتها المحاصرة، وكانت إدارة كينيدى فى خضم الصراع مع ناصر، الأمر الذى أكد لها أن أى تأثير حقيقى لأمريكا فى العالم العربى لن يكون إلا بالتفاهم مع مصر، والاتحاد السوفييتى الحليف الإقليمى المهم لها. لكن الإحباط الذى أصاب السعوديون وحليفهم فى هذا الوقت، إيران، جاء نتيجة أن امريكا إتبعت سياسات إدارة صراع فى اليمن لا ترضى أحدًا.

وكما توقع السعوديون، لم تتوقف طموحات ناصر الثورية بإغراؤه بالمعونات، فقد ثابر ناصر على تنفيذ سياساته فى اليمن لسنوات، وانجذبت مصر إلى الإتحاد السوفييتى، وساءت العلاقات المصرية – الأمريكية إثر حرب يونيو 67. وعلى صعيدٍ مواز فإن العلاقات التى تبنيها إدارة أوباما مع إيران لا يمكن أن تسقط بسبب العاهل السعودى البالغ من العمر 79 عامًا.

فى النهاية، يجب على إدارة أوباما ان تختار، إما ان تستوعب القيادات الإيرانية ضمن حلفاء أمريكا التقليديون، أو أن تصطف مع مصر والسعودية ضد إيران. وفى سياق إستراتيجية إقليمية متماسكة، فإن الأزمة فى اليمن يمكن أن تكون نقطة ضغط على إيران لتعزيز فرصها فى الوصول إلى إتفاق ناجح بشأن المفاوضات النووية.

كما ان هناك خطًا أحمر لأمريكا، مدعومًا من القوات الجوية المصرية والسعودية التى تحارب فى اليمن، وهو الإشارة إلى الإيرانيين أن توقف العقوبات المفروضة عليهم، مشروط بإنهاء دعمهم لجماعات العنف من اليمن إلى العراق وما وراء ذلك، وبإختصار، ما كان يصح على مصر فى الستينيات، يصح على إيران اليوم.

جيسى فيريس

نُشر فى "قل"

عن نيويورك تايمز

© 2023 by EDX. Proudly created with Wix.com

bottom of page